قِيَمٌ تتفوّق على المال
في وقتٍ عرض فيه مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مبالغ طائلة تصل إلى 1.5 مليار دولار لجذب نخبة من خبراء الذكاء الاصطناعي، أظهرت بعض الكفاءات رفضًا لهذه العروض، مفضلين الولاء لقيم القيادة والرؤية على المال. هذه الظاهرة تعكس تحولًا واضحًا لدى الموظفين الجدد، حيث لم يعد الراتب وحده عاملًا حاسمًا لاختيار الوظيفة، بل أصبحت الرؤية المؤسسية، فلسفة القيادة، والمعنى العميق للعمل أكثر تأثيرًا في اتخاذ القرار المهني.
الحس المهني ينقذ من الاحتيال
وفي سياق مغاير، تمكن موظف في شركة “شينهان للأوراق المالية” من إحباط عملية احتيال مالي بقيمة تقارب 10 مليارات وون كوري (حوالي 7.2 مليون دولار). القصة بدأت عندما اتصلت عميلة في الستين من عمرها لطلب بيع جميع أسهمها في شركة سامسونغ بشكل عاجل وطلب قرض بضمان الأسهم، ما أثار شكوك الموظف بسبب تغير مفاجئ في سلوكها وعدم وجود تعاملات سابقة لفترة طويلة. بفضل براعته ويقظته، تم إشراك فريق دعم العملاء، وكُشف لاحقًا أن السيدة كانت ضحية لعملية تصيد احتيالي. هذه الحادثة تؤكد أهمية الحس المهني والتركيز على العميل حتى في المهام اليومية الروتينية.
قصة نجاح الكوريين في الخارج: تجربة مغربية
نجاح شركات مثل CU وGS25 الكوريتين في السوق المغري يظهر أن التكيف مع الثقافة المحلية والابتكار الاستراتيجي يؤتي ثماره. فخلال ثلاث سنوات فقط، نجحت هذه العلامات في تحقيق نمو بلغ 8 أضعاف في مبيعاتها في المغرب. هذا النجاح يقدم مثالًا ملهمًا للموظفين الجدد حول أهمية تطوير المهارات العالمية والفهم الثقافي استعدادًا للفرص الدولية، ما يعزز التنافسية في الأسواق الخارجية.
سباق “الميتا” لاستقطاب نخبة الذكاء الاصطناعي
أثارت التقارير الإعلامية ضجة في وادي السيليكون بعد أن كشفت عن العروض الفلكية التي قدمتها ميتا لاستقطاب الباحثين في الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، عرضت ميتا على الباحث الشاب مات دايتك، البالغ من العمر 24 عامًا، حزمة تعويضات قدرها 250 مليون دولار، بعد أن رفض عرضًا أوليًا بـ125 مليون دولار. وتمكنت الشركة في النهاية من ضمه إلى فريق تطوير “الذكاء الفائق”.
هذه العروض ليست الوحيدة، فقد قدمت ميتا ما يصل إلى مليار دولار لفريق يعمل في شركة Thinking Machines Lab، التي أسستها ميرا موراتي، الرئيسة التقنية السابقة في OpenAI. كما عرضت على الباحثة ليو مينغ فانغ، التي كانت تقود فريق النماذج الأساسية في أبل، ما يقارب 200 مليون دولار.
تسليح الباحثين بأدوات ضخمة
الميتا لم تكتف بالمال، بل قدمت بيئة بحثية متقدمة، إذ خصصت لما يُزعم بعض الباحثين ما يصل إلى 30 ألف وحدة معالجة رسومية (GPU)، وهو ما يمثل نصف الكمية المستخدمة في مركز بيانات ضخم بقدرة 100 ميغاواط يتم إنشاؤه في كوريا بالتعاون بين SK Group وAWS.
استخدام هذه الموارد الهائلة يمكّن الباحثين من اختبار عدد كبير من الفرضيات في وقت قصير، مما يسرّع في تطوير النماذج الذكية ويمنحهم أفضلية على المنافسين.
الإحباط يتسلل إلى صفوف المطورين
هذا التفاوت الهائل في الرواتب والمزايا خلق فجوة واضحة داخل صناعة التكنولوجيا. فراتب مهندس برمجيات محترف قد يتراوح بين 600 ألف و900 ألف دولار سنويًا، فيما يحصل أفضل 5% من المهندسين على ما يصل إلى 1.5 مليون دولار. ورغم ذلك، فإن بعض المطورين يشعرون بالإحباط في ظل التنافس المحتدم مع شركات مستعدة لتقديم “عقود بلا حدود” كما وصفها أحد المطورين المخضرمين.
رؤية جديدة لجيل الموظفين الجدد
ما بين توجه الموظفين الجدد لاختيار العمل بناءً على القيم والمعنى، ونجاحات خارجية تنبع من فهم الثقافات المحلية، والتحولات التي تشهدها صناعة الذكاء الاصطناعي عالميًا، تتضح الحاجة لقيادات جديدة تمتلك ليس فقط المهارات التقنية، بل الحس الثقافي، والقيادة الأخلاقية، والنظرة الشمولية لعالم الأعمال.