ديشامب يغلق ملف “الكرة الذهبية” ويركز على الميدان
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو أداء المنتخب الفرنسي في مونديال قطر، عاد الجدل ليحيط بكريم بنزيمة، الغائب الأبرز عن صفوف “الديوك” بداعي الإصابة، فقد أبدى ديدييه ديشامب، الناخب الوطني الفرنسي، بروداً واضحاً تجاه الأنباء المتداولة حول مهاجم ريال مدريد، وتحديداً بعد انتشار مقطع فيديو يوثق وصول بنزيمة إلى جزيرة ريونيون لقضاء إجازته، وفي رد حازم على استفسارات الصحفيين عشية مواجهة تونس في الجولة الثالثة، أكد ديشامب أن هذه الأمور الجانبية “لا تشغل باله” على الإطلاق، مشدداً على أن تركيزه منصب بالكامل على اللاعبين الـ24 المتواجدين حالياً في المعسكر، والذين يعول عليهم للدفاع عن اللقب العالمي، وجاءت تصريحات المدرب الفرنسي لتقطع الطريق أمام التكهنات التي أثارتها بعض وسائل الإعلام الإسبانية يوم الاثنين، والتي ألمحت إلى إمكانية عودة بنزيمة لتدريبات ناديه يوم الخميس، أو حتى التحاقه مجدداً بصفوف المنتخب في قطر في وقت لاحق.
عطلة في المحيط الهندي وجدل اللوائح
وبعيداً عن تصريحات المدرب، أكدت الوقائع الميدانية أن حامل الكرة الذهبية قد ابتعد فعلياً عن أجواء المنافسة، حيث وصل صباح الثلاثاء إلى مطار جزيرة ريونيون في حدود الساعة التاسعة وعشرين دقيقة بالتوقيت المحلي، ووفقاً لمصادر مقربة، فإن بنزيمة الذي لم يدلِ بأي تصريح لحظة وصوله، يعتزم قضاء إجازة تمتد لأسبوع في هذه الجزيرة الخلابة الواقعة في المحيط الهندي، وهو ما يقلص نظرياً فرص عودته السريعة للملاعب، ومع ذلك، يبقى الجانب الإداري مثيراً للاهتمام، إذ أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في توضيح لوكالة “فرانس برس” أن بنزيمة لا يزال مسجلاً رسمياً في قوائم المنتخب، مما يعني أنه “يحق له” الحصول على ميدالية ذهبية في حال نجح رفاقه في الاحتفاظ بالكأس، لكن القرار النهائي في هذا الشأن يبقى بيد الاتحاد الفرنسي للمنتخب، الذي كان قد أعلن انسحاب اللاعب عشية الافتتاح بسبب إصابة عضلية تتطلب وقتاً للتعافي، وهو الأمر الذي ناقشه ديشامب مع اللاعب بوضوح قبل مغادرته المعسكر.
تورام والأبناء.. جيل جديد يحمل المشعل
وعلى نقيض الأجواء المشحونة حول غياب بنزيمة، يعيش أسطورة الدفاع الفرنسي ليليان تورام حالة من الفخر والزهو بتواجد نجليه ماركوس وخيفرين كعناصر أساسية في تشكيلة المنتخب، فخلال حضوره حفل “غران غالا ديل كالتشيو” في ميلانو، حيث تم تكريمه بجائزة عن مجمل مسيرته الحافلة مع أندية بارما ويوفنتوس وبرشلونة، اعترف تورام بأنه لم يكن يتوقع رؤية أبنائه يصلون إلى هذا المستوى العالي، وقال المدافع السابق بكلمات مؤثرة إن الكثيرين أخبروه سابقاً بأنه مخطئ لسماحه لهم بلعب الكرة، إذ كان يعتقد أنهم سيلعبون لمجرد المتعة، لكن الواقع اليوم يفرض نفسه بوجود ماركوس كمهاجم صريح في إنتر ميلان، وخيفرين كلاعب خط وسط في يوفنتوس، وكلاهما يدافعان عن قميص المنتخب الفرنسي، وهو ما يمثل امتداداً لإرث العائلة الكروي.
دروس في الحياة والنضال المجتمعي
لم يقتصر حديث تورام الأب على الجانب الرياضي الفني، بل تطرق إلى الجوانب الشخصية التي تميز نجليه، مشيراً إلى اختلاف طباعهما، وفي اعتراف أبوي نادر، أوضح ليليان أنه تعلم درساً قيماً من ابنه ماركوس، الذي ولد والابتسامة لا تفارقه، حيث علمه أن المرء يمكنه أن يكون شخصاً جاداً للغاية حتى وهو يضحك كثيراً، ومن هذا المنطلق الإنساني، استغل تورام المنصة لتجديد دعوته للنضال ضد العنصرية والتمييز الجنسي، وهي القضايا التي طالما دافع عنها خارج المستطيل الأخضر، ووجه رسالة قوية للجماهير والمجتمع بضرورة التخلي عن النفاق الاجتماعي والاعتراف بأننا نعيش في عالم مبني على تحيزات مسبقة، مؤكداً أن محاربة العنصرية لا يجب أن تكون وظيفة الضحايا فقط، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب الخروج من دائرة الصمت والنفاق لرؤية الواقع كما هو.


